إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف
شرح القواعد الأربعة
27397 مشاهدة
عبادة الملائكة من دون الله

...............................................................................


الحاصل: أن النبي صلى الله عليه وسلم سمى أولئك المشركين كلهم مشركين، لأنهم يعبدون معبودات متفرقة، ولم يستثن الذين يعبدون الملائكة، فذكر الله تعالى أنهم يعبدون الملائكة، فقال تعالى: وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ يعني: هؤلاء كانوا يعبدونكم؟ فتبرأ الملائكة منهم ومن عبادتهم، وقالوا: قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ أي بمعنى: أن الشياطين هي التي أغوتهم، وهي التي أوقعتهم بما عبدوا من دون الله. ولهذا ذكر ابن القيم في الجواب الكافي: أن كل من عبد غير الله فإن عبادته تقع للشياطين، ما عبد مَنْ عبد غير الله سوى الشيطان.
واستدلوا أيضا بأنه لما نزل قول الله تعالى: إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ قال المشركون: نحن نعبد الملائكة، ونعبد الصالحين، واليهود يعبدون العزير والنصارى يعبدون عيسى أفهؤلاء يا محمد كلهم من حصب جهنم؟! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إنهم إنما يعبدون حقيقةً الشيطان والشيطان هو الذي سول لهم، وأملى لهم. الشيطان هو الذي دعاهم، إلى أن وقعوا فيما وقعوا فيه من هذه الشركيات، فلذلك يكونون عُبَّادًا للشيطان، والشياطين تعذب معهم، يشاهدون الشيطان، ويشاهدون إبليس وذريته معهم. كما حكى الله تعالى في خُطْبَة الشيطان بقوله: وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي إلى آخر الآية.
فدل على أن الشياطين تقترن بهم، فيكون ذلك معنى: إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ لا أن الملائكة يُعَذَّبُون معهم، ولا أن الصالحين والأنبياء الذين أصلحوا أعمالهم لله لا أنهم يعذبون، وإنما العذاب لهؤلاء المشركين، ولمن أضلهم من الشياطين. قال الله تعالى: وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنَا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الْأَسْفَلِينَ .
قيل: من الجن: الشيطان إبليس، ومن الإنس: شياطين الإنس. وقيل: أول من دعا إلى الشرك وأضل به المشركين، إنهم يقولون ربنا أرنا اللذين أضلانا من الجن والإنس. ومع ذلك فإنهم لا يخفف ذلك عنهم من العذاب، كما قال تعالى: وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ يعني: كونهم يشتركون مع من أضلوهم، لا يخفف ذلك من عذابهم.
وقد ذكر الله تعالى أن المشركين يحتجون بأن الذين أضلوهم هم الآباء والأسلاف والأجداد والسادة والأكابر، كما في قولهم: وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَ رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا ومثلها أيضا قول الله تعالى: قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولَاهُمْ رَبَّنَا هَؤُلَاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ ومثلها قول الله تعالى: وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ قَالُوا إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ إلى قوله: فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ .
فالحاصل أن المشركين الأولين ما نفعتهم عبادتهم للملائكة، ولا عبادتهم للسادة والأولياء والصالحين والأنبياء ونحوهم، ولكنها أضرتهم وأصبحوا بذلك مشركين. والنبي صلى الله عليه وسلم لم يفرق بين النصارى وبين المشركين القبوريين، أو المشركين الوثنيين وسمى الجميع مشركين.